أخبار مهمةالخطبة المسموعةخطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdfعاجل

خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م ، للدكتور محمد حرز

خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م ، للدكتور محمد حرز ، بتاريخ 10 ذو الحجة 1443هـ، الموافق 9 يوليو 2022م.

 

لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م ، للدكتور محمد حرز.

 

لتحميل خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م ، للدكتور محمد حرز.

 

 

ولقراءة خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م  : كما يلي:

 

خطبةُ عيدِ الأضحَى المبارك بتاريخ: 10 ذي الحجة 1443هــ   10يونيو 2022م

الحمدُ للهِ الذي جعَلَ الأعيادَ في الإسلامِ مَصدرًا للهناءِ والسُّرورِ، الحمدُ للهِ الذي تفضَّلَ في هذه الأيَّامِ العشرِ على كلِّ عبدٍ شَكُور، سبحانه غافِرُ الذنبِ وقابِلُ التَّوب شديدُ العِقابِ
…….. اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

اللهُ أكبرُ.. ما قصدَ المسلمونَ حجَّ بيتِ اللهِ الحرام .

اللهُ أكبرُ.. ما أنفقُوا الأموالَ وأتعبُوا الأبدانَ وتركُوا الأهلَ والأولادَ مِن أجلِ الرضوانِ .

اللهُ أكبرُ .. ما صارُوا في الجوِّ والبرِّ والبحرِ تحرسُهم عنايةُ الملكِ العلامِ.

اللهُ أكبرُ .. ما علتْ أصواتُهُم بالتلبيةِ استجابةً لنداءِ الخليلِ في البريةِ.

اللهُ أكبرُ.. ما اكتحلتْ عيونُهُم بأنوارِ بيتِ اللهِ الحرامِ.

اللهُ أكبرُ .. ما استراحتْ أجسامُهُم في الروضةِ المحفوفةِ بالأنوارِ.

اللهُ أكبرُ.. ما حامتْ أرواحُهُم شوقًا إلي زيارةِ المصطفَي العدنانِ.

اللهُ أكبرُ.. ما سلمُوا علي رسولِ الإنسانيةِ النبيِّ المختارِ.

اللهُ أكبرُ ..خلقَ الخلقَ وأحصاهُم عددًا ، وكلُّهُم آتيهِ يومَ القيامةِ فردًا.

اللهُ أكبرُ ..ما ذكرَهُ الذاكرونَ وهلَّلَ المهللونَ  وكبَّرَ المكبرون.

اللهُ أكبرُ.. ما ضحَّي المسلمونَ في هذا اليومِ شكرًا للهِ علي وافرِ الإحسانِ.

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلاً.

سبحانَ مَن قدَّسَ البيتَ وعظمَهُ، سبحانَ مَن جعلَ مكةَ هي البلدُ الحرامُ، سبحانَ مَن خصَّهَا دونَ بقاعِ الأرضِ بالتقديسِ والإعظامِ، سبحانَ مَن هديَ خليلَهُ إليهَا بعدَ طولِ شوقٍ وهيامٍ، سبحانَ مًن فجَّرَ زمزمَ لإسماعيلَ إجلالًا لهُ وإكرامًا، سبحانَ مَن جعلَ مكةَ مشرقًا للنورِ بعدَ أنْ كانتْ مصدرًا لكلِّ ظلمٍ وظلامٍ، سبحانَ مَن جعلَهَا أصلَ التوحيدِ بعدَ أنْ كانتْ مصدرًا لعبادةِ الأصنامِ, سبحانَ مَن اصطفَي رسولَهُ منها وجعلَهُ رسولًا لخيرِ دينٍ هو الإسلامُ, سبحانَ اللهِ وبحمدهِ سبحانَ اللهِ العظيم.

وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ القائلُ (( إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ مِنْ يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ فَمَنْ فَعَلَ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا)) رواه البخاري

يا سائرينَ إلى الحبيبِ ترفقُوا …… فالقلبُ بينَ رحالِكُم خلفتهُ
مالي سوى قلبِي وفيكم وجيبه ….. مالي سوى دمعِي وفيكُم سكبتهُ

أمَّا بعدُ …فدينُنَا دينُ التكبيرِ دينُ التهليلِ دينُ التسبيحِ للهِ ربِّ العالمين، فالأعيادُ في الإسلامِ تبدأُ بالتكبيرِ، وتُعلنُ للفرحةِ النفير؛ ليعيشَهَا الرجلُ والمرأةّ، والكبيرُ والصغيرُ، أعيادُنًا تهليلٌ وتكبيرٌوحياتُنَا كلُّهَا تهليلٌ  وتكبيرٌ ...إذا أنَّنَا كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا أقَمنَا كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا دخَلنَا في الصلاةِ كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا ذبَحنَا كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا وُلِدَ المولودُ كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا خُضنَا المعارِكَ كبَّرنَا اللهَ جلَّ وعلا ، وإذا جاءَ العيدُ استَقبَلنَاهُ بالتكبيرِ وقلنَا: اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ، لا إلَهَ إلَّا الله، اللهُ أكبرُ اللهُ أكبرُ وللهٍ الحمد.  فكبرُوا وهللُوا وسبحُوا اللهَ جلَّ وعلا بكرةً وأصيلًا ….تكونُوا مِن السعداءِ.

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

أيُّها السادةُ: دينُنَا دينُ الرحمةِ دينُ الشفقةِ دينُ التراحمِ والتعاطفِ والتوادِّ والمحبةِ دينُ الإنسانيةِ كلِّهَا…والرحمنُ والرحيمُ اسمانِ مِن أسماءِ اللهِ جلَّ وعلا، والرأفةُ والرحمةُ مِن نعوتِ جمالهِ، تتنزلُ بها النفحاتُ الربانيةُ، والرحماتُ الإلهيةُ، فتجدُ مع كلِّ تقديرٍ تيسيرًا، ومع كلِّ قضاءٍ رحمةً، ومع كلِّ بلاءٍ حكمةً، فإن كان اللهُ قد أخذَ منك فقد أبقَى، وإنْ منعَ فلطالمَا أعطَى، وإنْ ابتلاكَ فكثيرًا ما عافاك، وإنْ أحزنكَ يومًا فقد أفرحَكَ أيامًا وأعوامًا فاللهُ أرحمُ الراحمين.ورحمةُ اللهِ أوسعُ بنَا، وعافيتُهُ أنفعُ لنَا، ولو آخذنَا بذنوبِنَا لأهلكنَا وهو غيرُ ظالمٍ لنَا، ولكنَّهُ بعبادهِ رؤوفٌ رحيمْ، لو فتحً سبحانهُ بابَ رحمتهِ لأحدٍ مِن خلقهِ، فسيجدهَا في كلِّ شيءٍ، وفي كلِّ موضعٍ، وفي كلِّ حالٍ، وفي كلِّ مكانٍ، وفي كلِّ زمانٍ، فرحمتُهُ وسعتْ كلَّ شيءٍ، كما إنَّه لا مُمسكُ لرحمتهِ قال ربُّنَا (مَا يَفْتَحْ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيم) [فاطر:2. وليسَ في الكونِ كلِّهِ مَن هو أرحمُ مِن اللهِ، فاللهُ أحكمُ الحاكمين وأعدلُ العادلين وأرحمُ الراحمين. فمن عَجَائِبِ رَحْمَةِ اللهِ بِنَا مَا ذَكَرَهُ النَّبِيُّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لَنَا حِينَـمَا رَأَى امْرَأَةً وَجَدَتْ صَبِيًّا فِي السَّبْيِ، فَأَلْصَقَتْهُ بِبَطْنِهَا وَأَرْضَعَتْهُ، فَقَالَ: «أَتُرَوْنَ هَذِهِ طَارِحَةً وَلَدَهَا فِي النَّارِ» قَالُوا: لاَ، وَهِيَ تَقْدِرُ عَلَى أَنْ لاَ تَطْرَحَهُ، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَلَّهُ أَرْحَمُ بِعِبَادِهِ مِنْ هَذِهِ بِوَلَدِهَا» اللهُ أكبرُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ. فما أحوجنَا إلي التراحمِ والتعاطفِ والتوادِّ والمحبةِ، وكيفَ لا ؟ ونحن نعيشُ زمانًا قستْ فيهِ القلوبُ وقلتْ فيهِ ينابيعُ الرحمةِ في قلوبِ الكثيرِ مِن الناسِ، وكيف لا ؟ ونحن نعيشُ زمانًا انعدمتْ فيه الرحمةُ والشفقةُ بين الجارِ وجارهِ والولدِ وأبيهِ والزوجةِ وزوجِهَا، وكيف لا ؟ ولقد أمرَ اللهُ عزَّ وجلَّ نبيَّهُ محمدًا صلَّى اللهُ عليه وسلم أنْ يخبرَ العالمَ أجمعَ بأنَّ اللهَ غفورٌ رحيمٌ، فقالَ جلَّ وعلا {نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} الحجر: 49وكيف لا ؟ ولقد أرسلَ اللهُ نبيَّهُ محمدًا صلَّى اللهُ عليه وسلم رحمةً للعالمين فقال مخاطبًا إياهُ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ(الأنبياء:107.وكيف لا؟ وهو ينزلُ -سبحانَهُ- كلَّ ليلةٍ إلى سماءِ الدنيا، إكرامًا للمؤمنين، ولقضاءِ حاجاتِ السائلين، وقبولِ دعاءِ الداعين، وإلحاحِ المستغفرين، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: “يَنْزِلُ رَبُّنَا -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرُ يَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ مَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ مَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرَ لَهُ” متفق عليه.. اللهَ اللهَ في رحمةِ الرحمنِ (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ )يونس: 58 . قال ابنُ عباسٍ رضى اللهُ عنه فضلُ اللهِ الإسلامُ، ورحمتُهُ أنْ جعلَكُم مِن أهلِ القرآنِ. ورحمتُهُ أيُّها السادةُ: وجدَهَا إ براهيمُ –عليه السلامُ- في النارِ ((قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ ) (([الأنبياء : 69]. ووجدَهَا عندمَا همَّ بذبحِ ولدهِ (فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ ۚ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ ۖ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103) وَنَادَيْنَاهُ أَن يَا إِبْرَاهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا ۚ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ (106) وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107( الصافات . ووجدَهَا نوحٌ – عليه السلامُ – في أمواجٍ كالجبالِ ((قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ)[هود : 43) . ووجدَهَا يوسفُ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- في الجبِّ، ووجدَهَا في السجنِ، كما وجدَهَا مع المَلِك)) قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِنْ كُنَّا لَخَاطِئِينَ) [يوسف : 91, ووجدَهَا يونسُ – عليه السلامُ – في بطنِ الحوتِ((وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء : 87] . ووجدَهَا موسى – عليه السلامُ – في اليمِّ وهو طفلٌ مجردٌ مِن كلِّ قوةٍ، ومِن كلِّ حراسةٍ، كما وجدَهَا في قصرِ فرعون(( وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) [طه: 39]. ووجدَهَا محمدٌ – عليه السلامُ – في الغارِ، وفي طريقِ الهجرةِ، وفي بدرٍ، وفي فتحِ مكةَ، وفي جميعِ أحوالهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم((فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا) [التوبة : 40.ووجدَهَا ويجدُهَا كلُّ مَن آوىَ إليهِ سبحانَهُ، وتعلقَ بهِ سبحانَهُ، وسألَهُ سبحانَهُ وفوضَ إليهِ الأمرَ سبحانَهُ وأخذَ بالأسبابِ المشروعةِ المؤديةِ إليها، فالرحمةُ بيدهِ سبحانَهُ ((رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَداً)) سورة الكهف 10, ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ﴾.: سورة آل عمران 8. فما أحوجنَا إلي التراحمِ والتعاطفِ والتوادِّ والمحبةِ، وخاصةً وأكثرُ ما نحتاجُ إليهِ في هذه الأيامِ هو التراحمُ والتعاطفُ فيما بينَنَا، فالرحمةُ والتراحمُ أجملُ شيءٍ في الحياةِ، لو دخلتْ قلوبَنَا وأدخلناهَا في حياتِنَا وبيوتِنَا صلُحتْ أمورُنَا كُلّها، وعشنَا أسعدَ حياةٍ، وأحلى حياةٍ. وصدقَ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذ يقولُ كما في صحيحِ مسلمٍ مِن حديثِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). ومِن أعظمِ أسبابِ نيلِ رحمةِ اللهِ تعالى: أنْ يرحمَ العبدُ غيرَهُ مِن المخلوقاتِ، فمِن علاماتِ سعادةِ العبدِ: أنْ يكونَ رحيمَ القلبِ، فالرحيمُ أولى الناسِ برحمةِ الرحمنِ، وهو أحبُّ الناسِ إلى الناسِ، وأقربُ الناسِ إلى قلوبِ الناسِ، وهو أحقُّ الناسِ بالجنةِ؛ لأنَّ الجنّةَ دارُ الرّحمةِ لا يدخلُهَا إلّا الرحماء،  ففي الصحيحينِ مِن حديثِ جريرِ بنِ عبدِ اللهِ -رضي اللهُ عنه- قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلم (لا يَرْحَمُ اللَّهُ مَن لا يَرْحَمُ النَّاسَ)  وفي السننِ ((الراحمونَ يرحمُهُم الرحمنُ، ارحمُوا مَن في الأرضِ يرحمْكُم مَن في السماءِ، الرحمُ شِجنةٌ مِن الرحمنِ فمَن وصلَهَا وصلَهُ اللهُ ومَن قطعَهَا قطعَهُ اللهُ))، فالجزاءُ مِن جنسِ العملِ، فكنْ رحيمًا مع جميعِ الخلقِ، لطيفًا مع كلِّ عبادِ اللهِ، وإنْ لم تستطعْ نفعَ إنسانٍ فلا تضرهُ، وإنْ لم تفرحْهُ فلا تغمهُ، وإنْ لم تمدحْهُ فلا تذمهُ، وإنْ لم تقفْ معه فلا تُعنْ عليهِ، وإنْ لم تفرحْ بنعمتِهِ فلا تحسدهُ، وإنْ لم تمنحْهُ الأملَ فلا تحبطْهُ.. لا تكنْ جافِ المشاعرِ، بخيلَ اليدِ، قاسِي القلبِ، ولكنْ كنْ رحيمًا.. فالراحمونَ يرحمُهُم الرحمنُ... فهذه بَغِيَّةٌ على عهدِ بني إسرائيلَ رأتْ كلبًا يلهثُ عطشًا فسقتْ المرأةُ  الكلبَ فغفرَ اللهُ لها الذنوبَ  وللهِ درُّ القائل :

إذا كانتْ الرحمةُ بالكلابِ  ***      تغفرُ الخطايا للبغايَا

فكيف تصنعُ الرحمةُ      ***       بمَن وحَّدَ ربَّ البرايا

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

تابع خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م

أيُّها السادةُ: دينُنَا دينُ الأملِ ,دينُ الثقةِ في اللهِ , دينُ التفائلِ، ليس دينَ اليأسِ و القنوطِ والتشاؤمِ , فاليأْسُ والقنوطُ والتشاؤمُ مِن صفاتِ الكافرين والضالين:قال جلَّ وعلا (( قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ ) الحجر 56 وقال جلَّ وعلا (( إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ)سورة يوسف 87 فاليأْسُ والقنوطُ ليس مِن صفاتِ المؤمنين: قال الإمامُ البغوي: (إذا هم يقنطون، ييأسون مِن رحمةِ اللهِ، وهذا خلافُ وصفِ المؤمنِ، فإنَّه يشكرُ اللهَ عندَ النعمةِ، ويرجُو ربَّهُ عندَ الشدةِ(، واليأْسُ مِن رحمةِ اللهِ فيه تكذيبُ القرآنِ، إذ يقولُ وقولُهُ الحق(( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ ) الأعراف 156,واليأْسُ فيه سوءُ أدبٍ مع اللهِ سبحانه وتعالى ,واليأْسُ سببٌ في الوقوعِ في الكفرِ والهلاكِ والضلالِ، قال جلَّ وعلا(( وَإِذَآ أَنْعَمْنَا عَلَى الإِنسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَؤُوسًا)) نعم هناك آلامٌ وأحزانٌ وفتنٌ وأحوالٌ اقتصاديةٌ حرجةٌ، ومعاناةٌ للفقراءِ، لكنَّ المؤمنَ بالقدرِ لا يبكِي على اللبنِ المسكوبِ، فلا تحطمُهُ المصائبُ والابتلاءاتُ، فهو يرجو ثوابَهَا حتى يُرفَعَ بها درجات، وتُكفَّرَ عنه الخطيئات، لكن لا يؤدِّي هذا إلى الانتحارِ.فالانتحارُ يأسٌ وقنوطٌ من رحمةِ الرحمنِ، والانتحارُ جريمةٌ وخزىٌ وعارٌ، والانتحارُ جريمةٌ بشعةٌ في حقِّ النفسِ وحقِّ المجتمعِ، والانتحارُ ليس علاجًا للمشكلاتِ ولا حلًّا للمعضلاتِ ولا دواءً لما حلَّ بنَا من النكباتِ بل دليلٌ على ضعفِ الإيمانِ وعدمِ الثقةِ في اللهِ الواحدِ الديانٍ، ودليلٌ على ضعفِ الوازعِ الدينِي ودليلٌ على اليأسِ والقنوطِ مِن رحمةِ الرحمنِ، وجريمةُ الانتحارِ شؤمٌ على صاحبِهَا يومَ القيامةِ، ومِن ذلك أنَّ الانتحارَ علامةٌ على سوءِ الخاتمةِ -والعياذُ باللهِ-: فإنَّه مَن ماتَ على شيءٍ بُعثَ عليه يومَ القيامةِ، فعن جابرٍ قال: قال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلممَن ماتَ على شيءٍ بعثَهُ اللهّ عليه)) فالمؤمنُ الحقُّ يعلمُ أنَّ الدنيا دارُ بلاءٍ ومحنٍ: قال جلَّ وعلا(لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ) (البلد:4)، فالمؤمنُ الحقُّ يعلمُ أنَّ المصائبَ والبلايا امتحانٌ مِن اللهِ جلَّ وعلا واختبارٌ قال جلَّ وعلا (وَتِلْكَ الأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (آل عمران:140) فالمؤمنونَ أشدُّ الناسِ ابتلاء: قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- لمَّا سُئِلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلاَءً؟ قال: (الأَنْبِيَاءُ، ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ) (رواه الترمذي)

فالمؤمنُ الحقُّ يعلمُ أنَّ الفرجَ آتٍ قال جلَّ وعلا ((فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا . إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا)) (الشرح:5-6) فالإسلامُ ياسادةٌ يدعو إلى التفاؤلِ والأملِ في اللهِ، وينهى عن التشاؤمِ واليأسِ: قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم-: (لاَ طِيَرَةَ، وَخَيْرُهَا الفَأْلُ) قَالَ: وَمَا الفَأْلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: (الكَلِمَةُ الصَّالِحَةُ يَسْمَعُهَا أَحَدُكُمْ) (متفق عليه)، وعن أبي هريرة َ-رضي اللهُ عنه- قال: “كَانَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يُعْجِبُهُ الْفَأْلُ الْحَسَنُ، وَيَكْرَهُ الطِّيَرَة” (رواه ابن ماجه).- لأنَّ التشاؤمَ واليأسَ سوءُ ظنٍ باللهِ: قال النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلم- فيما يرويه عن ربه: (أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي) (متفق عليه). “فماذا تظنُّ بربِّك؟! فعلى نوعِ ظنِّكَ يكونُ حالُكَ”. قال ابنُ مسعودٍ -رضي اللهُ عنه-: “ما ظنَّ عبدٌ باللهِ خيرًا، إلَّا أعطاهُ إياهُ”...فإيَّاك واليأسَ وأيَّاكَ والقنوطَ مِن رحمةِ الرحمنِ وإيَّاكَ والتشاؤمَ وإيَّاكَ والانتحارَ.

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

تابع خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو 2022م

أيُّها السادةُ: اليومُ عيدٌ في الأرضِ، يومُ المغفرةِ لحجاجِ بيتِ اللهِ الحرام، وكيف لا؟ واللهُ تباركَ وتعالي يُباهي بأهلِ عرفةَ ملائكتَهُ، ويقولُ يا ملائكتِي انظرُوا عبادِي أتونِي شُعثًا غبرًا مِن كلِّ فجٍ عميقٍ يرجونَ رحمتِي و لم يروا عذابِي أنفقُوا الأموالَ واتعبُوا الأبدانَ وتركُوا الأهلَ والأولادَ  أشهدكُم يا ملائكتِي أنِّي قد غفرتُ لهم)).

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

اليومُ يومُ  الأضحيةِ والتضحيةِ شكرًا للهِ علي وافرِ الإحسانِ، وإحياءً لسنةِ الخليلِ إبراهيمَ، ومراعاةَ الغنيِّ للفقيرِ، وهي سنةٌ مؤكدةٌ عن النبيِّ المختارِ صلَّى اللهُ عليه وسلم ((ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا) رواه البخاري، والأضحيةُ مِن شعائرِ الإسلامِ التي يتقربُ بها المسلمُ إلى اللهِ عزَّ وجلّ، لقولهِ تعالى: “ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ” (الحج: 32). ومِن أفضلِ أعمالِ ابنِ آدمَ يوم النحرِ إراقةُ دمِ الهَديِ والأضاحِي تقرُّبًا وزُلفَى للخالقِ – سبحانه -: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163. وعن عائشةَ رضي اللهُ عنها قالت: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: «مَا عَمِلَ ابْنُ آدَمَ يَوْمَ النَّحْرِ عمَلًا أحَبَّ إلى اللهِ – عزَّ وجلَّ – مِنْ هراقةِ دَمٍ، وإنَّهُ ليَأْتِي يَوْمَ القِيامَةِ بِقُرُونِها وأظْلافِها وأشْعارِها، وإنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِن اللهِ – عزَّ وجلَّ – بِمَكانٍ قَبْلَ أنْ يَقَعَ على الأرْضِ، فَطِيبُوا بِها نَفْسًا»؛ الترمذي وابن ماجه.

اللهُ أكبرُ كبيرًا.. والحمدُ للهِ كثيرًا.. وسبحانَ اللهِ بكرةً وأصيلًا.

تابع خطبة عيد الأضحي المبارك 9 يوليو

أيُّها السادةُ: العيدُ أنْ لا تيأسَ مِن رحمةِ اللهِ، العيدْ أنْ لا تقنطَ مِن رحمةِ اللهِ، العيدُ أنْ تحافظَ على نفسِكَ مِن التهلكةِ، العيدُ أنْ تعودَ إلى أهلِكَ بالبسمةِ والصفاءِ، العيدُ أنْ لا يخافكَ مسلمٌ، العيدُ أنْ تصلحَ ما بينكَ وبين اللهِ، العيدُ أنْ تصلحَ ما بينكَ وبينَ الناسِ، العيدُ أنْ تعفوَ عمَن ظلمكَ، العيدُ أنْ تصلَ مَن قطعَك، العيدُ أنْ تعطِي مَن حرمَك، فليس العيدُ لمَن لبسَ الجديدَ إنَّما العيدُ لمَن طاعتُهُ تزيدُ ,ليس العيدُ لمَن تجملَ باللباسِ إنَّما العيدُ مَن عملَ ليومِ الوعيدِ .قال الحسنُ البصريُّ رحمه اللهُ تعالى : كلُ يومٍ لا يُعصى اللهُ فيه فهو عيدٌ كلُّ يومٍ يَقطعُهُ المؤمنُ في طاعةِ مولاه و ذكرِهِ و شُكِرِهِ فهو له عيدٌ. فالعيدُ طاعةٌ والعيدُ عبادةٌ والعيدُ قربةٌ إلى ربِّنَا .

أيُّها السادةُ: مَن لم يستطعْ الوقوفَ بعرفةَ فليقفْ عندَ حدودٍ اللهِ الذي عَرِفَهُ.. ومَن لم يستطعْ المبيتَ بمزدلفةَ فليبتْ على طاعةِ اللهِ ليقربهُ ويزلفهُ… – ومَن لم يستطعْ ذبحَ هديٍ بمنَى فليذبحْ هواهُ ليبلغَ المُنَى ومَن لم يستطعْ الوصولَ لبيتِ اللهِ الحرام؛ لأنَّهُ بعيدٌ فليقصدْ ربَّ البيتِ فإنَّهُ أقربُ إليهِ مِن حبلِ الوريدِ …….

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الزحَامِ مُلبيًّا   ***  لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ الحجيجِ ساعيًا

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم أكنْ بينَ عبادِكَ داعيًا   **   لبيك ربي وإن لم أكنْ بينَ الصفوف مصليا

لبَّيكَ ربِّي وإنْ لم اكنْ بينَ الجموعِ لعفوِكَ طالبًا   **  لبَّيكَ ربِّي فاغفرْ جميعَ ذنوبِي أدقهَا وأجلهَا

اللهم احفظْ مصرَ قيادةً وشعبًا مِن كلِّ سوءٍ وشرٍّ وجميعَ بلادِ المسلمين، وتقبلَ اللهُ منَّا ومنكُم صالحَ الأعمالِ  ………………وكلُّ عامٍ وأنتم بخيرٍ.

                    كتبه العبد الفقير إلى عفو ربه                                                 د/ محمد حرز                                                                                                                                                                                            إمام بوزارة الأوقاف

 _______________________________

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

الخطبة المسموعة علي اليوتيوب

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »